هل جزر هاواي هي الوحيدة في خطر؟

تقرير – وليد الشمري
في مساء 29 تموز 2025، دوّى زلزال عنيف قبالة سواحل شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى الشرق الروسي، بلغت قوته 8.8 درجة، ليطلق موجة تحذيرات واسعة من تسونامي عبر المحيط الهادئ. كانت ولاية هاواي الأميركية على بُعد آلاف الكيلومترات، لكنها تصرفت كما لو أن الخطر يطرق أبوابها مباشرة.
سارعت السلطات إلى تفعيل أنظمة الطوارئ، وأصدرت أوامر إخلاء فورية للمناطق الساحلية، وأغلقت الطرق والمرافق الحيوية، ونشرت صفارات الإنذار، واستقبلت الملاجئ مئات الأسر. وعلى الرغم من أن الموجة الأولى لم تكن مدمّرة كما كان يُخشى، فإن ما جرى في هاواي كان اختبارًا حيًّا لقدرة دولة على مواجهة خطر لا ينبع من أرضها… لكنه يصلها بقوة.
ومع كل ما حدث، يطرح سؤالٌ نفسه بقوة: هل جزر هاواي وحدها في خطر؟
المحيط الهادئ ليس محايدًا
هاواي ليست دولة محظوظة بجغرافيتها، بل هي في قلب “حلقة النار” الشهيرة، وهي منطقة ذات نشاط زلزالي وبركاني كثيف. عبر تاريخها الحديث، عرفت هاواي كوارث تسونامي مدمّرة، كثير منها لم يكن مصدره محليًا، بل من أماكن بعيدة مثل تشيلي أو اليابان أو جزر ألوتيان. لكن هاواي ليست وحدها على هذا الخط الجغرافي؛ فمعها العشرات من الدول والمناطق الساحلية المهددة بنفس الدرجة وربما أكثر.
الإنذار لا يكفي وحده
الحدث الأخير أظهر أن امتلاك أنظمة إنذار متطورة لا يكفي، بل إن الأهم هو الوعي العام والاستعداد الدائم. في هاواي، التزمت نسبة كبيرة من السكان بالتعليمات، لكن الاختناقات المرورية وارتفاع مكالمات الطوارئ أظهرت أن التحديات العملية لا تزال قائمة، حتى في ولاية تملك واحدة من أقوى منظومات التحذير في العالم.
دروس تتجاوز الجزر
تجربة تموز بيّنت أن موجات التسونامي قد تصل بعد ساعات من وقوع الزلزال، وأن الموجة الأولى قد لا تكون الأخطر، وأن زلزالًا لا يشعر به السكان قد يخلّف كارثة في الضفة الأخرى من المحيط. كما أكدت أن الإغلاق المسبق للمرافق الحيوية وتفعيل خطط الإخلاء ليست إجراءات مبالغ بها، بل قد تكون الفارق بين النجاة والفقدان.
خطر مشترك… واستعداد متفاوت
أن العديد من دول المنطقة لا تمتلك ما تمتلكه هاواي من أنظمة، ولا منسوبًا مماثلًا من الوعي أو التنسيق. ما الذي سيحدث لو ضرب زلزال مشابه سواحل الهند الفلبين، أو المكسيك، أو حتى إندونيسيا، دون أن تكون لدى تلك الدول خطط استجابة سريعة؟ من سيكون التالي في قائمة الخطر؟
انذار محلي … تذكير عالمي
في ظل ارتفاع درجات الحرارة والتغييرات البئية المتوالية والعشوائية، تجربة هاواي لم تكن مجرد إنذار محلي، بل تذكير عالمي. لقد أظهرت أن الخطر لا يعترف بالحدود، وأن الاستعداد ليس ترفًا. وإذا كانت هاواي قد نجحت في مواجهة هذا الحدث بسلام نسبي، فربما تكون الرسالة الأهم التي تُرسلها هي:
الكوارث الطبيعية لا تعرف الحدود ولا تسثني احد فالاستعداد المسبق هو الاهم … لتجاوز الكوارث حال حدوثها بغض النظر عن ما هيتها.