مثنى السامرائي يرفع شعار الكرامة السياسية: نبحث عن شركاء لا عن أتباع أذلاء

مقالات _ وليد الشمري
في مشهد سياسي معقد ومتشظٍ، يبرز تحالف العزم كقوة نيابية فاعلة تسعى لإعادة تشكيل المشهد السني في العراق، مستنداً إلى حضور راسخ داخل مجلس النواب، ودور بارز في عملية تشكيل الحكومة. لكن طموح التحالف بأن يكون ” البديل السني الناجح ” لا يزال محفوفاً بتحديات داخلية وخارجية بالغة التعقيد.
ورغم أن التحالف يُعد من بين أبرز المدافعين عن قضايا المحافظات ذات الأغلبية السنية، فإن طريقه إلى فرض نفسه كقوة مركزية يظل مرهوناً بعوامل جوهرية، أبرزها استمرار نظام المحاصصة، والانقسامات المتكررة في صفوف القوى السنية، فضلاً عن التأثيرات المتزايدة للقوى الإقليمية المتداخلة في الشأن العراقي.
ويعكس شعار رئيس التحالف، المهندس مثنى السامرائي: ” نبحث عن شركاء لا عن أتباع أذلاء “، ملامح نهج جديد يرفض التبعية ويدعو إلى شراكة متكافئة داخل العملية السياسية، بعيداً عن الخضوع أو الإقصاء. إنه شعار لا يستهدف فقط بناء علاقة مختلفة مع شركاء الداخل، بل يمتد إلى دعوة لبناء تحالفات استراتيجية مع الدول المتقدمة، في سياق استثمار انفتاح العراق الدبلوماسي لتثبيت حضوره الإقليمي والدولي.
كما يعكس هذا التوجه محاولة واعية لتحصين البيت السني من الانقسام، عبر الدعوة إلى توحيد الصف والتفاوض من موقع قوة، لا من مواقع التبعية أو الهشاشة السياسية
يمثل شعار السامرائي هذا تمييزاً استراتيجياً متعمداً لتحالف العزم. ويهدف إلى تمييز التحالف عن المقاربات السياسية السنية السابقة التي ربما كانت تُعتبر متساهلة أو مجزأة بشكل مفرط، وبالتالي عرضة للضغوط الخارجية أو الانقسام الداخلي. من خلال التعبير صراحة عن هذا المبدأ، يسعى تحالف العزم إلى إظهار صورة القوة وتقرير المصير والمطالبة بتقاسم حقيقي للسلطة، وبالتالي جذب ناخبين سنة محبطين يبحثون عن تمثيل أكثر حزماً واستقلالية.
يمتد طموح السامرائي إلى الساحة الدولية، إذ يدعو إلى استثمار الانفتاح العراقي الحالي لبناء شراكات استراتيجية مع الدول الصناعية الكبرى، بما يضمن تحويل العراق إلى شريك متساوٍ في القرارات الإقليمية والدولية. هذه الرؤية تعكس وعياً عميقاً بأهمية التحرك خارج الأطر التقليدية وبناء نفوذ سياسي قائم على المصالح المشتركة لا على التبعية.
انضمام تحالف العزم إلى ائتلاف إدارة الدولة، الذي ضم الإطار التنسيقي والأطراف الكردية، كان عاملاً حاسماً في كسر الجمود السياسي عقب انتخابات 2021، وأسهم في ولادة حكومة محمد شياع السوداني. وهو ما يدل على مرونة التحالف وقدرته على التفاعل مع التحولات السياسية بواقعية محسوبة وحرصه العالي على تمكين العراق من تجاوز الخلافات والعمل على دعم عجلة الاستقرار والازدهار.
ويمضي السامرائي، من خلال موقعه التشريعي، في التأكيد على أهمية مجلس النواب كمنصة رئيسية لمعالجة الملفات السياسية المعقدة، مما يعكس إصرار تحالف العزم على أن يكون الصوت السني المؤثر لا التابع.
إن تحالف العزم، بقيادة مثنى السامرائي، لا يسعى فقط إلى مقعد في لعبة السلطة ، بل إلى إعادة تعريف الدور السني في العراق، عبر مسار سياسي يحترم الإرادة، ويعزز الوحدة، ويستعيد الكرامة، في بلد لا يزال يبحث عن معادلة توازن حقيقية بين مكوناته.
فهل ينجح التحالف في تجاوز تعقيدات المشهد، ويُثبت نفسه كقوة سنية موحدة ومستقلة؟ أم أن التحديات البنيوية ستظل تحول دون تحقيق هذا الهدف الطموح؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.
وليد الشمري