الخصوصية في المدن الذكية.. التحدي الصامت

تقارير _ الرصافي نيوز

في ظل التحول العالمي نحو “المدن الذكية”، تتزايد المخاوف بشأن الخصوصية. فهذه المدن، التي تعتمد على تقنيات متقدمة لجمع وتحليل البيانات من كل زاوية، تعد بتسهيل الحياة وتحسين الخدمات، لكنها في الوقت نفسه تهدد بتحويل الإنسان إلى مجرد “نقطة بيانات” ضمن منظومة مراقبة شاملة.

المدن الذكية لا تقتصر على الإنارة التفاعلية أو إدارة المرور فحسب، بل هي منظومة متكاملة تجمع البيانات من الكاميرات والهواتف وأجهزة الاستشعار وغيرها، ما يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الحريات الفردية: من يضمن ألا تتحول هذه التقنيات إلى أدوات للرقابة؟ ومن يُحاسب الخوارزميات إن اتخذت قرارات مجحفة؟

المشكلة لا تكمن في التقنية بحد ذاتها، بل في غياب الضمانات. فبدون تشريعات شفافة تحمي الخصوصية وتلزم الشركات بالمساءلة، قد تتحول المدن الذكية إلى فضاءات خالية من الحرية والعدالة. كما أن المواطن، بدوره، مدعو لأن يكون واعيًا وناقدًا، لا مجرد مستخدم يبادل خصوصيته مقابل الراحة.

الخصوصية ليست عائقًا أمام الابتكار، بل شرط لضمان إنسانيته. والتكنولوجيا، إذا صُممت بشكل أخلاقي، يمكنها أن تحمي الحقوق بدل أن تنتهكها. ومع تسارع التطور، يبقى الخيار بأيدينا: إما مدن ذكية تُصمم لخدمة الإنسان، أو مدن تُديره كما تدير حركة المرور. الزمن يمضي، والقرار جماعي… لكن يبدأ من وعي كل فرد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى