سُنّة العراق وعقود الحنظل
احمد العمر
في ظل نظام “الشراكة والتوازن” الذي ادعت العملية السياسية انها قامت عليه بُعيد غزو العراق، والذي غالبا ما تعكزت عليه الاحزاب التي نشأت في ظل سلطته المؤقتة وما توالد منها وانشطر عنها في كل الحكومات التي شكلها الامريكان وشريكها اللاحق ايران بما فيها الاحزاب السنية.. كانت الجماهير السنية في واد و جماهير بقية المكونات في واد اخر .. فقد تناوب قادة السنة على تحطيم جمهورهم في وقت كان قادة المكونات الاخرى اكثر صدقا و وفاءً لمعتقدات جمهورهم الراسخة في اذهانهم عبر السنين،، لذلك كانت براكين الغضب العنيفة تتراكم في صدور الملايين من المهاجرين والمهجرين والنازحين والمجتثين والمبعدين من المؤسسات العسكرية وامثالهم من المعتقلين والمغيبين وسكنة القبور الذين قتلتهم الة الحرب الامريكية والمليشاوية الايرانية ضد ساسة السنة بقدر ما تكنه صدورهم ضد ساسة الشيعة الموالون لايران بكل افعالهم واقوالهم ماظهر منها وما بطن، اما بقية الملايين السنية الصامته فقد آثرت الصمت واعتزال الحياة بما اتيح لها من سكن غالبها لا يصلح للعيش و وظيفة يناضل للحفاظ عليها بتغيير اسماء ابنائه تارة وبتغير لقبه تارة اخرى.
بعد ان كانت المقاومة صفة حصرية بعلامة مسجلة من الامريكان للسنة حصرا تبعها فيما بعد مسميات اخرى بقيت محل جدل.. اصبحوا( يمشون بجانب الحائط) على عكس الذين كانوا يرون في الاحتلال فرصة مثالية للقضاء على الدولة العراقية التي كانت منذ تأسيسها تمثل خطرا وجوديا على مشاريع الانفصال و العمالة والولاءات الخارجية الذين ظهرت مخالبهم بشكل جلي بعد الاحتلال بعد ان تغذوا وسمنوا في اراضي عرفت بسلوكها العدواني ضد العراق عبر التاريخ ..
وبعد عشرين عام وبزوال الطبقة السياسية التي حاولت ان تدافع عن الهوية السنية باضعف صورها، والتي رافقت انتهاء عصر المقاومة الوطنية بظهور (داعش) وما رافقها من ممارسات حكومية و مليشياوية اشد وحشية من الاحتلال ضد المواطن السني فان طبقة جديدة من الساسة ” السنة”كانت قد اتقنت دروس الوصول الى السلطة والسير عبر الدروب الملتوية على يد الجيل السابق بممارسات تشبه الدورات السريعة التي يتخرج منها الافراد بلا كفاءة ولا خبرة سوى السلوك الانتهازي الذي لا يهدف لشيء سوى تحقيق المصالح الشخصية والذي غالبا ما يتوالد عنه تورم الذات الفردية للمتصدر السياسي بلا اي مشروع او رؤية سياسية نبيلة سوى انتفاخ صاحبها المسكون بمرض السلطة .. وكانت حقبة الحلبوسي انموذجا متكاملا لذلك السلوك اذ ان العلاقة بين السياسي السني المتخبط بين الولاء الخارجي وتمثيل المكون و واجب المنصب وبين الجمهور السني لم يؤطرها سوى المال والمصالح والمناصب بعيدا عن اي مشروع حقيقي يرفع الحيف ويضمن العدالة في التعامل مع هذا المواطن المضطهد المبعد والمغيب،، فالمال والمناصب هما المكافأة وهما السلاح الذي يرهب به منافسيه ويقرب بها عُبّادَه الذين يلهجون بذكر السيد الرئيس صباح مساء ويتوضئون قبل ذكر اسمه رغم انهم لا يعرفون الصلاة ،، ومع كل احتياطاته جرى اسقاطه بشكل دراماتيكي لا يتناسب مع الصورة المتعملقة التي حاول ان يسوقها لجمهوره ،، ثم جاءت بعده حقبة الاقطاعيات السياسية المالية التي اصبحت تتبارز فيما بينها لاظهار اكبر قدر ممكن من الخضوع و الولاء للاطار الشيعي الحاكم الذي اقصاهم عن المشهد السياسي بشكل كامل رغم كل محاولات الالتصاق التي اظهرها الساسة السنة بهم كنموذج مثنى السامرائي وهو اخر نماذج الاداء السياسي السني في العمل السياسي حيث لا لون له ولا طعم ولا رائحة، ومع كل الاصدارات السنية ونسخ التحديث التي استعرضنا جزءا منها فان بوادر الخور والضعف التي تعتري تفكير القاعدة الجماهيرية السنية اصبحت اوضح من ان يمكن انكارها او تجاهلها بل لعلها جاءت نتيجة للسلوك السياسي الذي يظهره ساسة المكون و ممثليه الحاليين،، ولم لا، “فاذا كان رب البيت بالدف ناقر فشيمة اهل الدار كلهم الرقص”.. ولا شك فان سياسيي السنة سرعان ما سيكتوون بنار سلوكهم السياسي الشاذ، المنفصل عن مصالح جماهيرهم، الحريص على الذوبان في مشاريع الاخرين على حساب حقوق ناخبيه،، وستبقى مقاطعة الانتخابات قائمة ليس رفضا للعملية السياسية وحسب وانما عقوبة لكل سياسي ادعى تمثيله للمكون في وقت لم يكن يمثل سوى نفسه ..ومن لا يحسن تمثيل بيته لا يكون اهلا ليدافع عن وطنه ،، ومن يزرع حنظلا لابد ان يجني مراً..